استقصاء

إعلان الحريات الأكاديميَّة والفكريَّة ومطالبات بإقالة مدير جامعة النيلين

04:51 م

الثلاثاء 07 سبتمبر 2021

الخرطوم_مداميك
مؤسسات ومنظمات مجتمع مدني وكيانات ثقافيَّة تجمَّعت عضويتها بقاعة الشارقة جامعة الخرطوم صباح أمس الإثنين، مُعلنةً التفافها حول مبادرة الدكتور حيدر إبراهيم ومركز الدراسات السودانيَّة للتضامن مع أستاذ الفلسفة وعميد شؤون الطلاب، الدكتور مجدي عزّ الدين، والذي جَرَت إقالته من فوق المنصَّة التي كان يديرُ منها مناظرةً فكريّة بجامعة النيلين، ما بين الأستاذة أسماء محمود محمد طه والدكتور حيدر إبراهيم حول ضرورة التجديد الديني، متّخذين الفكرة الجمهوريَّة نموذجاً.
صباح أمس كانت ضربة البداية، حسب ما عبَّر المتحدثون في ندوةٍ بقاعة الشارقة سبقت المسيرة الاحتجاجيَّة التي اتّجهت صوب مباني وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وتمت مخاطبة الحاضرين وتلاوة المسودة الأولى من "الإعلان السوداني للحريات الأكاديميّة والثقافيّة والفكريَّة"، قدّمتها الشاعرة إيماض بدوي، على أن تكون الوقفة افتتاحاً لاستقبال التوقيعات والانضمام للإعلان من قبل مزيدٍ من المؤسسات والمنظمات والجماعات والأفراد.
أدار الندوة وقدَّم المتحدِّثين فيها الدكتور محمد يوسف مصطفى، وابتدر الأستاذ شمس الدين ضو البيت، مدير مشروع الفكر الديموقراطي، الحديث عن التعليم وضرورة العودة لأجواء حريَّة البحث والفكر كما كانت ما بعد ثورة أكتوبر المجيدة، حيث تنزَّلت هذه القيم من المواثيق التي عُقدت ما بعد الثورة، وكان لها أثرٌ في تطوّر الفكر العلمي والأكاديمي في الجامعات وفي التعليم. ودعا لالتفاف الجميع حول هذه المبادرة التي يُرجى منها الكثير، مؤكداً وقوفه مع إزالة التمكين في مؤسسات التعليم العالي والعام، على أن تكون هذه بداية. اتفق المتحدثون أن خطوة الضغط لإقالة مدير الجامعة يجب أن يُنظر لها كبداية طريق، ودعت الأستاذة أسماء محمود محمد طه في تعقيبها لرفع سقفها لأجل تثبيت الحريات بصورة شاملة.
وفي مداخلتها، تسأل الدكتورة غادة كدودة عن كيف نُناقش، في هذا الحال، الحريات الأكاديميَّة والفكرية في ظل غيابٍ تام لحقوق الإنسان الأساسيَّة من مأكل ومسكن وعلاج؟ وهل المطالبة بهذه الحريات تَرف؟ ترى أن احتياج المجتمع للأكاديميين والمفكرين والمثقفين أساسيٌّ إذ عليهم هم تقع مسؤوليَّة إيقاظ المجتمع وإنتاج الأفكار والبحث عن الحلول في مختلف مجالات الحياة. تحدثت كذلك عن الفرق بين حريّة الرأي والحريّة الأكاديميَّة؛ الدفاع عن حريّة الرأي مبدئي، حتّى في وجود الاختلاف وطبيعة الخطأ والصواب في ما يلي الآراء، بينما الأكاديميا تُقدّم "معرفةً موثوقة"، تقول إنها لا تقدّم الحقيقة، ولكنها تبحث عنها بالمناهج العلميّة التي لا يمكن للباحث خرقها بادعاء حريّة البحث. ثم تحدثت عن إشكاليات في طُرق عمل الجامعات في ظل كبت الحريات الأكاديمية، وقدّمت نماذج لبحوث تمت محاكمتها أخلاقيّاً وسياسياً ودينيَّاً وتم استبعادها على أسسٍ بعيدة عن الأسس العلميّة، وتقول إن الوقت قد حان لإيقاف كلّ ذلك بالالتفاف حول هذه المبادرة.
وأشار الدكتور النور حمد في مداخلته لطبيعة الثورة السودانية التي تأتي على شكل موجات، وأن الأحداث توسّع منها وأن اقتلاع تراكم الأزمنة المظلمة لا يتم بضربة واحدة، وإنما، كما قال، بالطرق المستمر، خصوصاً في مجالات التعليم والبحث والفكر. وقال إن علينا القول بوضوح وصراحة تامَّة إن أزمة الحريّات الأكاديميّة والفكريّة هي أزمة موجودة داخل الفضاء الإسلامي بصورة خاصَّة، وأن كل الأزمة حادثة داخل هذا المجال، مستدلاً بتجاربه في العمل في جامعات في دول تقع في الفضاء الإسلامي وأزمة الحريات الأكاديميّة فيها. وقال إن "القمع والاستبداد يرتبطان عضوياً بالفضاء الإسلامي". وفي تعليقه على حادثة الجامعة وتسليم خطاب الفصل بالصورة التي جرى بها قال إنه "مخطط لإحداث أكبر قدر من الأذى" للدكتور مجدي عز الدين.
ووصف الدكتور حيدر إبراهيم علي، في مداخلته، الثورة بأنها مُختطفة من متسلّقين وانتهازيين، وأن حادثة الدكتور مجدي هي تَمَثُّل لهذا الاختطاف. ويرى أن ما أقدم عليه مدير الجامعة، والطريقة التي اتّبعها في فصل الدكتور مجدي قُصدَ منها التعبير عن "فلول الإسلامويين الفاسدين، إذ هم يتحدّون الشعب السوداني بأفعالٍ كهذه ويريدون أن يبعثوا برسالة أنهم لا زالوا موجودين في كلّ مكان. وهي رسالة كذلك للأساتذة الآخرين حال تجرَّأ بعضهم بفتح المنابر الحرّة للفكر كما فعل الدكتور مجدي". ويرى الدكتور أن ذلك يأتي نتيجة التهاون في هدم القديم بصورة واضحة ومباشرة. يقول إنه لا يدعو لإرهابٍ مضادّ لإرهاب النظام البائد، لكن الانعدام التام للردع وعدم وضوح "هدم القديم" يترك مجالاً لهم ليُقدموا على أفعالٍ كالتي طالت الدكتور مجدي عز الدين. ودعا الدكتور لأن يُكرّس الأسبوع المقبل لتنظيم فعاليات فكرية وثقافيّة وسياسيَّة للتضامن مع د. عز الدين وتنوير الرأي العام من خلال الإعلام حول موضوع الحريات الأكاديمية والثقافية والفكريّة. قال: "لا نريد احتجاجاً لإقالة مدير الجامعة فقط، وإنما فرصة لإحياء جذوة الثورة مرةً أخرى، أي: ثورة داخل ثورة". وأن تتبع ذلك عمليَّة جذريّة لتنقية التعليم العالي والعام من أفراد ومناهج وفلسفة التعليم التي فرضها نظام الأخوان المسلمين، إذ هي امتداد لفلسفة التنظيم نفسه. وقال أن ثورة ديسمبر لا يجب أن تظل ثورة سياسيَّة فقط، وإنما أن تتحوَّل لمشروع عصر نهضة سوداني يخرج البلاد من ما أسماه بـ(عصر مملكة الفونج) التي يرى امتدادها منذ العام 1504 إلى العام 2018م.
وفي الختام، أعلن مقدّم الندوة الدكتور محمد يوسف مصطفى عن مشروع لإعادة إحياء الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات التي تأسست في العام 2012م، وقد كان الدكتور فاروق محمد إبراهيم، رئيس الهيئة، موجوداً ضمن الحضور وأكّد على إعادة العمل لاستعادة الهيئة ودورها الرائد في مجال الدفاع عن الحريات والحقوق.
Attachments area

اخر الاخبار