ريبورتاج

انتقال رئاسة السيادي للمدنيين.. هل حان آوان التعافي؟

02:39 م

الخميس 30 سبتمبر 2021

الديمقراطي- أم زين آدم
منتصف نوفمبر المقبل، تنتقل رئاسة مجلس السيادة الانتقالي، من المكون العسكري إلى المكون المدني، بنص الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية، التي وقعت في أغسطس 2019، بين العسكر والمدنيين، ويمثل الطرف العسكري المجلس الانتقالي العسكري، الذي تصدر المشهد بعد إعلان عزل عمر البشير واقتلاع النظام المباد، إلى حين التوقيع على الوثيقة الدستورية، ويمثل المكون المدني قوى إعلان الحرية والتغيير،التي كانت تضم وقتها نحو خمسة كيانات حزبية ومطلبية، وتمثل الحاضنة السياسية لحكومة الفترة الإنتقالية.
واليوم تجرى مشاورات واسعة داخل أروقة قوى إعلان الحرية والتغيير، لتسمية رئيس المجلس السيادي من المدنيين، دون مشاركة المضافين الجُدد للمجلس من الجبهة الثورية، بالترشيح أو التسمية، بحسب الناطق باسم حزب البعث الاشتراكي الأصل وعضو قوى إعلان الحرية والتغيير عادل خلف الله، الذي قال في تصريحات صحفية إن المشاورات بدأت بين المدنيين بمجلس السيادة،لتسمية مرشح خلفاً للفريق عبد الفتاح البرهان، الذي ترأس المجلس في فترته الأولى ممثلاً للمكون العسكري.
ونصت الوثيقة الدستورية، على أن أجهزة الحكم، خلال الفترة الانتقالية، تتكون من ثلاثة مستويات مجلس السيادة، ويمثل رأس الدولة، ورمز سيادتها ووحدتها، ومجلس الوزراء يمثل السلطة التنفيذية العليا للدولة، والمجلس التشريعي يمثل سلطة التشريع والرقابة على الجهاز التنفيذي.
ويُشكل مجلس السيادة حسب نص الوثيقة الدستورية من (11) عضواً، خمسة عسكريين وخمسة مدنيين، بجانب شخصية مدنية يتفق عليها الطرفان، ويمثل مجلس السيادة الجهة المناط بها الإشراف على الفترة الانتقالية، والمحدد لها (39) شهراً،بعدها تدخل البلاد في انتخابات حرة ونزيهة.ورشح المجلس العسكري -الذي ذاع صيته بلجنة البشير الأمنية- رشح الفريق أول عبد الفتاح البرهان، والفريق أول محمد حمدان دقلو، والفريق شمس الدين كباشي، والفريق ياسر عبد الرحمن حسن العطا، واللواء ركن مهندس إبراهيم جابر، لتمثيل الجانب العسكري، وسمى الطرف المدني كل من الأستاذة عائشة السعيد موسى والتي استقالت لاحقاً، وحسن محمد إدريس قاضي،وصديق تاور، ومحمد سليمان الفكي ومحمد حسن عثمان التعايشي، ممثلين للمكون المدني، وتم التوافق على تسمية رجاء نقولا عبد المسيح لشغل المقعد السادس للمكون المدني، وبعد التوقيع علىاتفاق جوبا للسلام مطلعأكتوبر الماضي،تمت إضافة ثلاثة إعضاء من حركات الكفاح المسلح الموقعة على الاتفاق، وهم مالك عقار أيررئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال، والهادي إدريس يحيى رئيس حركة وجيش تحرير السودان المجلس الانتقالي، والمحامي الطاهر حجر رئيس تجمع قوى تحرير السودان، على أن تتولى شخصية عسكرية رئاسة المجلس لمدة (21) شهراً، تخلفها شخصية مدنية ترأس المجلس في الفترة الانتقالية المتبقية (18) شهراً، وتنحصر صلاحيات مجلس السيادة حسب الوثيقة الدستورية في تعيين رئيس الوزراء بعد ترشيحه من قوى إعلان الحرية والتغيير، اعتماد تعيين حكام الأقاليم والولاة، اعتماد تعيين أعضاء المجلس التشريعي الانتقالي، اعتماد تعيين رئيس القضاء وقضاة المحكمة العليا والنائب العام والسفراء، فضلاً عن إعلان الحرب وحالة الطوارئ.
وقال محمد حسن التعايشي عضو مجلس السيادة في تصريحات صحفية متداولةإن اتفاق سلام جوبا الذي أدرج في الدستور، لم يغير كثيراً في الميثاق السياسي والاستحقاقات الدستورية المرتبطة به، بما في ذلك انتقال رئاسة مجلس السيادة إلى المدنيين، وفق ما هو منصوص عليه قبل وبعد إدماج اتفاق سلام جوبا في الوثيقة الدستورية، مؤكداً أنه ليست هناك مشكلة دستورية أو قانونية حول متى وكيف يتم الانتقال، وأوضح أن انتقال الرئاسة للمدنيين في مجلس السيادة هو اختبار مهم لجدية الشراكة، وللانتقال المدني الكامل لأول انتخابات قادمة.
وكانت هئية محامي دارفور، قد دعت القوى المدنية والثورية في مايو الماضي، للضغط في اتجاه انتقال رئاسة المجلس السيادي إلى المكون المدني، في الزمن المنصوص عليه في الدستور، لوقف تمدده التنفيذي، وقالت الهيئة في بيان نشر وقتها إن التعديل الذي أدخل على الوثيقة الدستورية في الثالث من نوفمير 2020، في أعقاب التوقيع على اتفاق جوبا للسلام، وتمديد الفترة الانتقالية عاماًلتحتسب الفترة الانتقالية اعتباراً من اليوم الذي تم فيه التوقيع على اتفاق السلام،وهو الثالث من أكتوبر 2020،لم يشمل مسألة انتقال رئاسة المجلس للمكون المدني في تلك التعديلات، ويرى الصادق علي حسن عضو الهيئة ومدير معهد السودان للديمقراطية في حديثه مع (الديمقراطي) في وقت سابق أن هذا السكوت كان مقصوداً في ذاته، وأن المكون العسكري ينظر في كل الخيارات التي تبقيه على رئاسة مجلس السيادة، في ظل ممارسة رئيسه البرهان السُلطة التنفيذية المخولة لرئيس الوزراء، وصار العسكريون يؤثرون في التشريع بمجلس السيادة والوزراء، وبذلوا التزامات دولية لإسرائيل، كما أن بعض دول الخليج ما تزال تحتفظ بقوات عسكرية سودانية تحارب في اليمن والسعودية، في مخالفة لأهداف الثورة السودانية، في عدم التدخل في القضايا الداخلية للشعوب، وعدم الانحياز.
وأفاد أستاذ السياسة العامة والإدارة بجامعة لونغ آيلاند بنيو يورك د. بكري الجاك، في حديثه مع الصحيفة بأن هناك ثلاثة أسباب تحتم نقل رئاسة مجلس السيادة للمدنيين، في مقدمتها إظهار الجدية في الالتزام بتطبيق الوثيقة الدستورية الحاكمة لعملية الانتقال، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه يعطي إنطباعاً إيجابياً بأننا أمام شراكة نموذجية، الأمر الثانييتصل بقدرة القوى المدنية على إظهار قيادات دولة، الأمر الثالثيعطي رمزية للجان المقاومة والشارع، بأن مطالبهم قابلة للتحقق، فيما يلي وجود قوى مدنية لديها القدرة في إدارةالدولة، وإصدار أوامر للقوى العسكرية، حال أردنا دولة مدنية، وجيش يأتمر بأمرها يجب أن نختبر ذلك الآن.
وقال الصادق علي في إفادته للصحيفة إن فترة رئاسة المكون العسكري لمجلس السيادةوضعت التزامات على البلاد، كما فرطت في سيادة البلاد حتى أصبحت مطية لبعض دول الخليج التي سارت عبر إجهزتها الاستخبارتية تتدخل في صميم قضايا البلاد الوطنية، كما أنشأ المكونالعسكري التزامات خارجية تعد من صميم مهام السلطة التنفيذية، وبغض النظر عن الإجراء، في واقع الحال المكون العسكري تغول على السلطة التنفيذية في مجالات عدة، منها السياسة الخارجية والاقتصاد والتردي الحالي، والانفراط المجتمعي، مثلما يحدث حالياً بشرق البلاد، من صنيعة المكون العسكري بمجلس السيادة. ويعتقد الصادق أن المكون المدني بمجلس السيادة في حاجة إلى مراجعة في تكوينه، لجهة إن أغلب عناصره لم يظهر لها أداء، وكل أداء المكون أقل من المستوى لقيادة البلاد، وبالتالي بالضرورة مراجعة ذلك القصور، وقد يصعب على المكون المدني إدارةالبلاد إذا آلت إليه الرئاسة في هذه الظروف، فيما قالت هيئة محامي دارفور إن انتقال رئاسة مجلس السيادة للمكون المدني لا يعني تصحيحاً للوضع الحالي المعيب، ولكنه ضرورة لتعزيز السلطة المدنية واستعادة السلطة المدنية، واستعادة مجلس السيادة لدوره التشريفي، ووقف تمدده على الجهاز التنفيذي.
وذهب التعايشي، إلى أبعد من انتقال رئاسة المجلس السيادي للمكون المدني، حيث قال إن هناك التزامات تأسيس مطلوبة في الفترة الانتقالية، تقوم على بناء نظام جديد، على أنقاض الدولة السودانية القديمة، ودون تحقيق هذه الأولويات، تكون الانتخابات المبكرة تكراراً أعمى لتجارب لم تورث البلاد سوى المزيد من عدم الاستقرار السياسي، والمزيد من الحروب الأهلية والتظلمات الجديدة،وحدد التعايشي بعضاً من الأولويات في مقدمتها تنفيذ بند الترتيبات الأمنية، وإكمال ملف السلام، وكتابة دستور دائم متفق عليه، وتمكين النازحين واللاجئين من العودة الى مناطقهم الأصلية.
وحول الأخبار المتداولة عن استمرار المكون العسكري في رئاسة المجلس حتى يونيو المقبل، أكد عضو قوى إعلان الحرية والتغيير عادل خلف الله تمسك القوى بتنفيذ بنود الوثقية الدستورية، بشأن نقل رئاسة مجلس السيادة للمدنيين، ونفى حدوث أي محاولة للتنازل عن المنصب لصالح استمرار العسكريين، متمسكاً بنقل الرئاسة للمدنيين دون تأخير، لجهة أن ذلك يمثل استحقاقاً دستورياً.
نقلاً عن صحيفة الديمقراطى

اخر الاخبار