برلمان الشارع

حاسب حكومتك قبل أن تحاسب

07:57 ص

الإثنين 19 أبريل 2021

المواطنون السودانيون يرفقون بحكّامهم ويجاملونهم كثيراً، ويعفون ويغفرون اخطاء المسؤولين، ربما التربية الصوفية الطيبة هي التي ارست دعامات هذا الوجدان المتسامح حد السذاجة، واستغلالاً لسماحة هذه الروح الرحبة استمرأ السياسيون تكرار الاخطاء، فبالكاد تجد فرقاً واضحاً بين حكام مايو ويونيو وابريل، ذات السمات الناكصة بالعهود والناقضة للمواثيق المبرمة بينهم وبين مواطنيهم، فبمجرد أن ينتقل المتحدث اللبق عن معاناة العامة لديوان الحكم، تتغير لهجته وينعزل عن محيطه الاجتماعي الأول، ويتحول الى شخص صفوي تدور علاقاته الاجتماعية والاقتصادية حول محور رجال الاعمال وطبقات السكان المترفين، ويندر أن تحصل على نموذج لشخص متصالح مع واقعه وماضيه الفقير من ساسة اليوم، والملاحظ أن قادة قحت قبل ان يجف عرق قمصانهم البلدية، بدءوا في ممارسة هذا السلوك الفوقي مع الثوار القابضين على جمر القضية، فانقلبت لغة الحوار رأساً على عقب واصبح الدفاع الأعمى عن الحكومة هو أول ما يفتتحون به حديثهم، ولا يوجهون انتقاداً لأنفسهم الا على استحياء منهم في بعض الحالات النادرة، واخذت لغة التواضع تختفي من تقاسيم وجوههم ومن لغة اجسادهم.

أعجبني الحديث الموجه من احد الشباب لوزير الصحة ذات يوم فتائلي صعيب، قائلاً نحن من أتى بك يا سعادة الوزير وعليك التوقف لسماع صوتنا، مثل هذا الشاب يمكن أن يكون النموذج الذي يجب على رصفائه الاقتداء به، فممثلي حكومة الثورة لم يمنحهم الشعب شيكاً ابيضاً يكتبون على صفحاته ما يشاؤون، فهم ما يزالون خُدام وحُرّاس لمكتسبات الثورة أو يجب ان يكونوا كذلك، وعلى ذاكرتهم أن تستحضر على الدوام التفويض الاخلاقي الذي تعاقدوا فيه مع الشارع، وهو القيام بواجب تنفيذ أهداف الثورة التي على رأسها القصاص والوفاء لدماء الشهداء، وثانيها تقديم ما يؤكد على أن محاكمة البائدين الضالعين في جرائم الحرب والفساد ستمضي الى نهاياتها الجّادة والصادقة، ثم يأتي في ذيل القائمة الخبز والمحروقات لأن الأولى أن تستجم القلوب المحروقة لأمهات الشهداء، فعلى الشباب الثائر أن لا يجامل في تكاسل الحاكمين، وأن يحتفي ويحتفل باعياد ثورته المتراكمة من سبتمبر الفين وثلاثة عشر، مروراً بديسمبر من العام الفين وتسعة عشر حتى السادس والحادي والثاني عشر من ابريل عشرون عشرون، فانخفاض زخم يومي الأمس والأول من أمس يؤشر على ما لا يحمد عقباه، ويقتحم اذهاننا هذا السؤال: لماذا لم يُقِم رئيس الوزراء ووزراءه احتفالاً بهيجاً بحدائق القصر يجددون فيه العهد لدماء الشهداء التي كانت مهراً لولجوهم باب هذا القصر؟.

اخر الاخبار