عاجل

ترقب للقرار النهائي لمجلسي السيادة والوزراء حول تسليم المطلوبين

05:06 م

الخميس 19 أغسطس 2021

الخرطوم – لم تتوان السلطة الانتقالية في السودان عن التأكيد على المضي قدما في طريق تسليم الرئيس المعزول عمر حسن البشير ومساعديه إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لمحاكمته بتهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم أخرى ضد الإنسانية.

ويعد تسليم البشير ومحاكمته دوليا مطلبا شعبيا سودانيا بعد نحو ثلاثين عاما قضاها الرئيس المعزول في السلطة تخللتها حروب ونزاعات ومعارك دامية سواء في دارفور أو في مناطق سودانية أخرى.

ويؤكد رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان أن مسألة التزام السودان بالعدالة أمر في غاية الأهمية.

وفي الحادي عشر من أغسطس الجاري، قال المدعي العام لمحكمة لاهاي كريم خان إن السودان ملتزم بتحقيق العدالة ومتفهم لتفويضه كمدع عام ولأحكام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1593.

وتجرى في الخرطوم نقاشات موسعة بين المدنيين والعسكريين حول تعيين رئيس جديد للقضاء لا ينتمي سياسيا لأي طرف فاعل في الحياة السياسية السودانية، بالإضافة إلى عدم “تلطخ اسمه بانتهاكات لحقوق الإنسان أو فساد”، حسب ما تؤكد بيانات صادرة عن مجلس السيادة أو القوى السياسية الأخرى.

وتشير تلك النقاشات إلى وجود نية لدى السلطتين المدنية والعسكرية نحو استكمال مسار العدالة الانتقالية، ومحاكمة المجرمين الذين تلطخت أيديهم بالفساد والانتهاكات طوال الحقبة الماضية من حكم البشير.

واتخذت الخرطوم قرارا يقضي بتسليم المطلوبين إلى محكمة لاهاي. ومن بين هؤلاء البشير ووالي شمال كردفان السابق أحمد محمد هارون، ووزير الدفاع السابق عبدالرحيم حسين، وعبدالله بندة وهو أحد قادة المتمردين في دارفور.

وتتهم محكمة لاهاي هؤلاء بارتكاب جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية خلال النزاع المسلح الذي اندلع في دارفور عام 2003 بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة.

تترقب الأوساط السياسية والقانونية في السودان الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء للمصادقة على قرار مجلس الوزراء بتسليم البشير والمطلوبين الآخرين، بالإضافة إلى الانضمام لميثاق روما.

ويؤدي المجلسان أعمال المجلس التشريعي إلى حين الاتفاق بين أطراف مجلس شركاء الفترة الانتقالية على تشكيل المجلس كي يؤدي دوره التشريعي إلى حين إجراء انتخابات في نهاية الفترة الانتقالية مطلع العام 2024.

وتوجد تساؤلات حول الفاتورة السياسية والقانونية التي يمكن أن تدفعها السلطة في السودان في حال تسليم المطلوبين وإمكانية فتح الباب أمام المحكمة لفتح ملفات الانتهاكات أثناء النزاع المسلح في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق خاصة بعد الموافقة على فتح مكتب للمحكمة في الخرطوم.

وتقاتل الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال – القوات الحكومية في الولايتين منذ يونيو عام 2011. وفي الثاني عشر من أغسطس الجاري أعلن مدعي عام المحكمة عن توقيع مذكرة تفاهم جديدة مع الحكومة السودانية تشمل تسليم جميع من صدرت بحقهم أوامر القبض عليهم.

وسبق تلك المذكرة توقيع السودان ومحكمة لاهاي منتصف فبراير الماضي مذكرة تفاهم بشأن محاكمة علي محمد علي عبدالرحمن، المعروف بـ”علي كوشيب” أحد زعماء ميليشيا “الجنجويد” السودانية الذي سلّم نفسه للمحكمة في يونيو 2020.

ويقول مراقبون إن تسليم السلطة الانتقالية للمطلوبين إلى المحكمة الدولية في لاهاي سيخفف كثيرا من الضغوط الشعبية التي تطالب بضرورة محاكمة البشير ومساعديه على ما عاشته البلاد من “جرائم طوال الثلاثين عاما التي قضاها في السلطة”.

يرى الخبير القانوني والقيادي في حزب المؤتمر الشعبي تاج الدين بانقا إنه “لا توجد علاقة بين مصادقة السودان على ميثاق روما لمحكمة لاهاي وتسليم المطلوبين في جرائم دارفور”، لكنه يوضح أن “السودان ملزم بالخضوع للمحكمة في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي والإبادة الجماعية بعد المصادقة لتحال الجرائم الجديدة إلى محكمة لاهاي”.

ويقول بانقا إن “المطلوبين للمحكمة الدولية محالون إليها بقرار مجلس الأمن رقم 1593 قبل توقيع السودان على ميثاق روما”.

وتابع بالقول إنّ “هناك خلافا بين مجلسي السيادة والوزراء حول هذه القضية، فبعض أعضاء مجلس السيادة يرون أن القضاء السوداني راغب وقادر على محاكمة المتهمين داخل البلاد، وأن هذا الأمر يتعلق بالسيادة”، لكن المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية آنذاك فاتو بنسودا تحدثت عن عدم اعتراض مسؤولي الحكومة السودانية على تسليم المتهمين.

وبحثت الحكومة السودانية في السابق ثلاثة خيارات لمحاكمة المتهمين عن جرائم في دارفور وهي إما تشكيل محكمة خاصة أو محكمة هجينة مختلطة بين السودان ومحكمة لاهاي أو مثول المتهمين أمام المحكمة في لاهاي. ويبدو أن الخيار الأخير المرجح في ضوء تحركات السلطة الانتقالية في السودان.

ولم تغب الحركة الإسلامية السودانية الذراع السياسية لحزب المؤتمر الوطني المنحل، الذي قاده البشير، عن التنديد بقرار الحكومة السودانية لتسليم البشير ومساعديه إلى محكمة لاهاي. وهاجمت تلك الحركة في بيان ما اعتبرته “تسديد فاتورة العمالة”، لكن في المقابل ساد ترحيب شعبي واسع للخطوة المنتظرة خاصة في ضوء الاتهامات لارتكاب النظام المعزول انتهاكات واسعة النطاق في دارفور ومناطق سودانية أخرى.

ويرى المحامي والباحث الحقوقي في دارفور وليد تقل أن الحكومة السودانية ستكون ملزمة بالتعامل مع محكمة لاهاي بعد المصادقة على ميثاق روما في الاجتماع المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء.

واعتبر تقل أن فتح محكمة لاهاي لمكتب في الخرطوم سيكون له ارتباط بالانتهاكات وجمع الأدلة في المرحلة الأولية، ويمكّن من فتح قضايا في الانتهاكات خلال النزاع المسلح في جنوب كردفان والنيل الأزرق. وقال إن “الشكاوى في الانتهاكات بمناطق النزاع المسلح لم يتم النظر إليها في السابق، لكن بعد فتح مكتب للمحكمة في السودان سيكون هنالك تطور في هذا الملف”.

اخر الاخبار